كتاب قضايا من تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب في العصور الوسطى
كتاب قضايا من تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب في العصور الوسطى المؤلف :محمد محمد عبد الحميد فرحات اللغة : العربية ترجمة : غير موجود سنة النشر : 2014 عدد الصفحات : 272 |
كتاب قضايا من تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب في العصور الوسطى تأليف الدكتور محمد محمد عبد الحميد فرحات.
تمثل الحركة الصليبية مرحلة جديدة ومنعطفاً خطيراً في تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب في العصور الوسطى، كما إنها تشكل جانباً هاماً ونقطة فارقة في تاريخ أمتنا العربية والإسلامية لما لهذه الحركة من أهمية وما ترتب عليها من نتائج لا تزال آثارها تنعكس علينا ونعاني منها حتى وقتنا الحاضر بطريقة أو بأخرى .
وقد نالت تلك الحركة اهتمام الكثير من العلماء والباحثين في الشرق والغرب على حد سواء الذين تناولوا جوانبها المختلفة سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو غيرها بالبحث والتحليل بغية استنباط الدروس والعبر التي يمكن استخلاصها من خلال دراستها وقد خرجت مائات الكتب والمؤلفات التي تناولت جانباً أو عدة جوانب من تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب، ومع ذلك تظل الحركة الصليبية معيناً لا ينضب وبحر في أحشائه الدر كامن فهل ساءلوا الغواص عن صدفاته؟
ولقد اتسمت العلاقات بين الشرق والغرب إبان الحروب الصليبية في جملتها بالسلم حيناً والعداء أحياناً فنرى الحروب تنشب من وقت إلى آخر وتستعر المعارك بين الجانبين بما يترتب عليها من قتل وأسر وتخريب وتدمير، وفي المقابل نرى المعاهدات والهدن تبرم بين الطرفين بما ينجم عنها من أمن وسلام ورخاء ونماء فترى السفارات والبعثات الدبلوماسية تتردد بين الجانبين، وتنتقل التجارة بما تحمله من بضائع وسلع وأفراد من هذا الجانب إلى الجانب الآخر، بل نرى أحياناً تبادل الزيارات غير الرسمية تنشط بين أفراد المجتمعين الصليبي والإسلامي للمشاركة في المناسبات الاجتماعية من أفراح وأطراح، أو دينية من مواسم وأعياد وغير ذلك من مشاركات تشعرك كأن هذين المجتمعين يتعايشان معاً ويحيون حياة ملؤها السلام والوئام وليس هناك ما يكدر صفو العلاقات بينهما وفجأة ودون مقدمات تتلبد السماء بالغمام وتنقلب الأمور رأساً على عقب، فتلوح في الأفق الصواعق من رعد وبرق وتنذر بشر مستطر ؛ فنسمع صهيل الخيل وصليل السيوف وصيحات الرجال وصرخات الفرسان . وتشاهد غبار المعارك متصاعداً إلى عنان السماء وترى النشاب والرماح والنبال مارقة في السماء كالسهام وكأن شيئاً من سلام أو وئام لم يكن من قبل سائداً بين هؤلاء الأنام، وهكذا يتكرر المشهد باستمرار على مدار قرنين تقريباً من الزمان.
وتسلط هذه الدراسة الأضواء على عدة قضايا متنوعة من تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب في العصور الوسطى، وهي وإن دارت أحداثها إبان فترة الحروب الصليبية، إلا أن تلك القضايا لا تزال جديدة ومتجددة، بل إن بعضها لا يزال موضع اهتمام الرأي العام العالمي . وهي وإن تبدو للوهلة الأولى روافد متفرقات عند البدء، إلا أن مجري واحد يضمها عند المنتهي . وجاءت أولى تلك القضايا تحت عنوان ” الخلافات بين الصليبيين وأثرها على وجودهم في الشرق فيما بين الحملتين الأولى والثانية ” وهي تؤكد على أن الخلافات التي نشبت بين الصليبيين بعضهم البعض لم تكن وليدة استقرارهم في الشرق ، بل اصطحبوها معهم حين خرجوا من الغرب ونقلوها معهم حيث أقاموا في الشرق . وأن تلك الخلافات لم تكن عابرة بل كانت متأصلة متجزرة، لم تقتصر على فئة بعينها من الصليبيين بل انغمس فيها كافة فئات المجتمع الصليبي وطوائفه من رجال ونساء وعلمانيين ورجال دين أيضاً .