كتاب محاضرات في الفلسفة لـ أندريه لالاند
كتاب محاضرات في الفلسفة Pdf
المؤلف : أندريه لالاند دار النشر : المركز القومي للترجمة سنة النشر : 2015 عدد الصفحات : 156 نوع الملف : مصور |
يشرح لالاند هذا المفهوم فى الدرس الأول بعنوان “التطوره” فهو كما يقول معارض مفهوم التطور كما عرضه هربرت سبنسر. التطور فى مفهوم سبنسر يتألف من حركتين متكاملتين: تحقيق مزيد من التباين (بعد تجانس) ومزيد من التكامل بين الوظائف. كلتا الحركتين كما يقول لالاند فى شرح سينسر تسيران جنبًا إلى جنب. ويضرب على ذلك مثلاً بالنظام الاجتماعى الذى تتمايز فيه الوظائف (فهناك الطبيب والمهندس والضابط والقاضى وغير ذلك من أصحاب المهن والتخصصات الأخرى) وتتكاتف فيما بينها فى نظام من تقسيم العمل (كما يريد دوركيم) . أما لالاند فيرى أن فى التطور حركة أخرى تسير فيها الأمور في الاتجاه المضاد؛ بحيث ترجع إلى شكل من أشكال التجانس. ولكن التراجع في هذه الحالة ليس انحلالاً أو هدمًا أو تدميرًا أو موتا كما قد يبدو لأول وهلة. بل هو شكل من أشكال التقدم أو الرقى تعود فيه الظواهر إلى الاندراج فى وحدة عامة شاملة.
وتزيد الفكرة وضوحًا فى المحاضرة الثانية التى عنوانها «الفن والذاتية» فلاشك فى رأى لالاند أن الفردية عامل أساسى فى الفن. ولا سيما الفن العظيم ٠كما نجده فى شكسبير أو فكتور هوجو . فالأعمال فى هذه الحالة تتميز بالأصالة والطرافة. غير أن الفن إن كان ينشأ من الفردية؛ فإنه لا يطمح إلى إيجادها أو زيادتها. بل هو يطمح على عكس ذلك إلى تجاوز فردية صاحبه كى يصبح عالما أو إنسانًا أو خالدًا .
ثم يعمم لالاند الفكرة فيطبقها فى سائر الدروس على مشكلات ومجالات فلسفية متعددة: القيم المعيارية (الحقيقة والأخلاق والجمال).؛ والمكان والزمان وما إلى ذلك. ويؤكد على دور العقل الدائم فى العودة إلى إسباغ طابع عام من التنظيم والوحدة رغم التغيرات والاختلافات والنزعات التشكيكية والنسبية. وعلى ضوء ما تقدم يبدو أن لالاند كان فيلسوفًا محافظًا باعتدال. فهو يعترف بالتغير بل ويؤمن بضرورته؛ ولكنه يؤمن بأن العقل يعود بعد التغيرات وأوجه التباين إلى فرض رؤيته الواحدة. لذلك يوصف لالاند بأنه فيلسوف عقلانى.
وتبقى كلمة أخيرة عن ترجمة هذه النصوص. فقد أبلى المترجمان بلاء حسنًا؛ فقدما نصا عربيا يتميز بفصاحة الأسلوب وجزالته؛ ووفقا فى كثير من الحالات فى التعبير عما يعنيه المؤلف. ولكن النص العربى يعيبه أحيانًا بعض الغموض
الذى قد لا تسهل إزالته إلا بالرجوع إلى الأصل الفرنسى (إذا كان القارئئ يعرف الفرنسية). كما وقعت بعض الأخطاء هنا وهناك.“